أخبار وطنية الـــــــــرأي الــحــــــــــر: حيـاد وزارة الداخليـة وتـهــديـد إعلامـيـيـن!
بقلم محمد المنصف بن مراد
منذ نجاح حزب النهضة والمؤتمر والتكتّل في انتخابات 2011 شرعت الأطراف النّافذة في الكتلة الحاكمة في اكتساح أهمّ الوزارات واختراقها وخاصّة وزارتي الدّاخلية والدّفاع، وذلك بغاية السيطرة على البلاد.. ولئن كان من الصعب اختراق المؤسسة العسكريّة فقد اختلف الوضع في وزارة الداخلية حيث نصّب علي العريض بعض الأصدقاء والأنصار في عدّة مواقع حتى أصبحت هذه الوزارة في خدمة حزبه..
ونتيجة لذلك انتشرت الأسلحة وبرز الأمن الموازي الذي كان أمنا في خدمة الارهاب، وتم اغتيال شكري بلعيد ثمّ يوم 25 جويلية 2013 محمد البراهمي كما سمح الوزير العريض لأبو عياض بالفرار من جامع الفتح، وفضلا عن ذلك فقد ترعرع الارهاب في جبل الشعانبي وفي بعض المدن والقرى دون أن يتخذ لا حمادي الجبالي ولا علي العريض ما يستوجب من قرارات لمكافحة الارهابيين، بل عيّنا مديرين عامين ومسؤولين في الحرس ينفّذون أوامرهما ويتعاطفون مع المهربين والارهابيين!
ومع الوزير لطفي بن جدو تحسنت ـ نسبيا ـ مكافحة الارهاب لكن الوزير لم يغيّر المديرين العامين والمستشارين وآمر الحرس وبعض كبار المسؤولين الذين عينهم علي العريض! كما انّ مواقف بن جدو من وثيقة المخابرات الأمريكيّة التي نبّهت الى أن البراهمي مستهدف بالقتل كانت غريبة..
ولولا وطنية بعض المسؤولين الأمنيين وحزم مهدي جمعة لعمّ الارهاب البلاد! انّ إيقاف عبد الكريم العبيدي المسؤول السابق عن أمن الطائرات في انتظار فتح ملفات كبار الأمنيين الذين شاركوا في محاولة اركاع الدولة التونسيّة وفرض «دولة حزب متشدّد» أمر في منتهى الأهمّية!
إنّ اختراق وزارة الداخلية ووزارة الدّفاع ومحاولة توظيفهما هو الخطر الأكبر على أمن البلاد والديمقراطية والاستقرار، مع الملاحظ انّ التنصّت على المواطنين والمعارضين الدّيمقراطيين و«زرع» مسؤولين حزبيين في شبكة الانترنات يمثل هو أيضا عملا منحلا بالحريات...
انّ تواطؤ بعض الأمنيين مع الارهابيين وانتداب المئات من المتشددين ومن شبان أنصار الشريعة يعتبر بدوره قنبلة مؤقتة ضدّ الأمن في بلادنا، ومن ثمّة فانّ مطالبة حركة النهضة اليوم بتحييد وزارتي الداخلية والدّفاع أمر غير مقبول لأنّ هناك ملفّات أمنية واجرامية يجب طرحها.. فالحياد لا يعني التكتم على من ساندوا الارهاب وهم في وزارة الداخلية ولا يعني انّ اعضاء الأمن الموازي من حقهم ان يتمتّعوا بحصانة..
انّ الحياد الحقيقي يعني خدمة تونس وأمنها دون الخضوع لأيّة مصلحة حزبيّة كما ينبغي كشف السياسيين والأمنيين الذين حاولوا تدمير تونس وشرعوا في ارساء دولة التشدّد الدّيني ووزارات في خدمة العنف والاغتيالات.. انّ تونس بحاجة الى وزير داخلية حديدي يكون شغله الشاغل تنظيف الوزارة من انصار المتشدّدين والارهابيين في انتظار التخطيط لشنّ حرب استباقيّة شاملة على كلّ الحركات الارهابيّة وذلك بالتنسيق مع وزير دفاع غيور على وطنه يقصي المتطرّفين من المواقع القيادية، وكلاهما في خدمة تونس..
انّ الشعب التونسي لن يقبل بوزيرين محايدين يتجنبان تطهير وزارتي الداخلية والدفاع، فمناعة تونس تقتضي أن تكون وزارات السيادة في خدمة الوطن، وألاّ يقدر أيّ حزب على اركاعها لأغراض خاصّة أو خدمة للعنف والتطرّف، ومن الواجب أن يتساوى حبّ الوطن والأم لدى وزيري الدّاخلية والدّفاع..
على صعيد آخر هناك أخبار سيئة وخطيرة تتعلق بزملاء اعلاميين من الطراز الرّفيع، فقد تلقى سفيان بن فرحات تهديدات بالقتل لأنّه من معارضي الحركات الدينية المتطرّفة وتصدّى لحكومات الترويكا رافضا ان تواصل ميوعتها أو تواطؤها مع العنف والارهاب. انه من ألمع الاعلاميين التونسيين ومن واجب الحكومة حمايته.
ثمّ فجعنا «بخبر» اغتيال الزّميلين سفيان الشورابي ونذير القطاري في ليبيا، ولكن الأمل مازال قائما لأنّ الأنباء حول مصيرهما متضاربة ولو حدث لهما أيّ مكروه ـ لا قدر الله ـ فعلى السلطات التونسيّة الجديدة أن تغلق الحدود والمصحّات أمام الارهابيين الليبيين الذين زاروا بلادنا مرارا بل انّنا شاهدنا وزيرا أول سابقا يؤدي زيارة الى قائدهم المقيم آنذاك بمصحّة تونسيّة، كما يتعيّن عليها تقديم قضية عدلية دولية ضدّ المجرمين، مع التذكير بأنّ أعضاء من فجر ليبيا تربطهم علاقات متينة بسياسيين تونسيين ورجال أعمال وإعلاميين وقد كان من واجب هؤلاء التدخل للافراج عن الشورابي والقطاري..
مهما يكن من أمر، نحن لن نفقد الأمل ونرجو من الله ان يحمي زميلينا ويعيدهما الى أهلهما ووطنهما في أقرب الآجال. أما الموضوع الثالث الخاصّ بالإعلاميين التونسيين، فقد فوجئت بمشاهدة مقطع فيديو بثّه الموقع لالكتروني الصدى وعرضت فيه صور لإعلاميين من العالم العربي ـ من بينهم نوفل الورتاني ـ متهمين بالتطاول على الإسلام وعلى الرسول ے! لقد صدمت بما رأيت لأنّ بثّ هذا المقطع قد يؤثّر على بعض أصحاب الشخصية الضعيفة أو بعض المتشدّدين الذين قد يحاولون اغتيال من يعتبرونهم «كفارا»!
وبكل صراحة فإنّ التكفير أمر شديد الخطورة وكلّ العقلاء يرفضونه خاصّة عندما يتعلق الأمر بمواطنة أو مواطن تونسي، فلا دخل لأيّة حكومة أو أيّة مجموعة في كل ما له صلة بالعقيدة، وأعتقد انّ الحوار والاقناع واحترام الحرمة الجسدية والحياة البشرية أفضل بكثير من المحاكمات أو التجريم أو القتل!
وبعد أن شاهدت التهديدات التي وجهها كمال زرّوق لنوفل الورتاني ومعز بن غربية حيث دعا الى اغتيالهما قلت في نفسي انّ الدّعوة الى القتل خطأ وجريمة لأنّ الله عزّ وجل لا يحتاج الي أيّ من عباده للدّفاع عنه، فهو قادر على كل شيء، لكن هناك مخططات عديدة لأعداء المسلمين ترمي إلى اشعال نيران الفتنة وتدمير انجازات الشعوب العربية والاسلامية حتى يدفعوا بنا الى ما قبل التاريخ فنعيش دمار الجهل والجوع والعنف والأمراض، وأمامنا سجاد نصلي عليه ونحن ندعو الى غزو العالم بالسّلاح!